أجمل العلاقات الإنسانية وأقدسها هي تلك التي تتشكل منها نواة العائلة، فيرتبط الرجل بالمرأة بموجب عقد مقدّس، يشكلان معاً أسرة عمادها التفاهم، وأساسها الحب والاحترام.
أما التفاهم فيتمّ في فترة التعارف وذلك بتقارب الأهواء، والآراء، والأمزجة تحت مظلة القيم والدين.. أما الحب فهو الدعامة الأساسية للعلاقة، لكنها لا تكتمل إلا بالاحترام الذي يأتي كأساس لا بد منه لترسيخ تلك العلاقة سواء كانت بين الأصدقاء، أو بين الأزواج، أو بين الأبناء.. من الصعب جداً أن تحبّ أحداً إذا لم تحترمه.. ومن أهم شروط الاحترام أن يكون الطرف الآخر كبيراً في نظرك بتصرفاته، بتفانيه، بعطائه، بحُسن خطابه، وكل هذا يَنبع من البيئة التي تربى فيها، أو من تلك التي ورثها في جيناته..!!
والعجيب أن أصحاب التجربة الفجّة يبحثون عن الحبّ والحبّ فقط.. لكأني بهم يبحثون عن لحظة انتظار لمواسم الحزن، والأجدر بهم أن يبحثوا عمن يحترمونه ليحبوه.. فكيف تستقيم الحياة مع أسرة لا يحترم فيها صغيرها كبيرها؟ وكيف تنمو الصداقات إذا انكسر حاجز الاحترام؟ وكيف يعلّم الآباء أبناءهم الاحترام إذا لم يكونوا قدوتهم؟.. لا يكفي أن تتآلف القلوب مع بعضها إن لم تتفاعل العقول لتصنع العشرة الطيبة.. ولهذا نسمع عن أسر تفككت بسبب غياب الاحترام.. ولطالما حصل أبغض الحلال بسبب انفلات اللسان، والتهور بالكلام، والاستهتار بمشاعر الآخرين وأحاسيسهم..!!
وبكل أسف أقولها: بعضهم يعتبرها رجولة حين يحلو لهم إهانة زوجاتهم أمام الناس، والعكس صحيح.. فالعرب تقول : «كل إناء بما فيه ينضح» فمن يحترم الآخر بغض النظر عن موقعه الاجتماعي يحترم ذاته. فالحديث النبوي يقول : «القلوب مجبولة على حبّ من أحسن إليها» وفي وصية لإحدى العربيات لابنتها في ليلة زفافها «كوني له أمَة يكُن لكِ عبدا» وهنا تقصد الحب المجبول بالاحترام والتفاني.
غياب الاحترام هو المعول المدمّر الذي يهدم البيوت ويشرّد الأطفال.. والمحترم هو الذي يفرض نفسه فرضاً على الآخرين فيستأثر بحبهم، ذلك أنه يرفض أن يذيب شخصيته في مستنقعات الآخرين فله بحره الخاص به، وشاطئه الذي ترسو عليه مراكب الحبّ!!.
يقال : «إن الحب نار متأججة لمدة سنة، ورماده لمدة ثلاثين سنة» ولما كان في هذا القول الكثير من الحقيقة، فما الذي أمّن للأسر الاستمرارية والنجاح؟ إنه ولا شك الاحترام.. فبه تستدفئ الأسر، وهو من يتصدى لملل الع
OAS_AD('Middle');
لاقة وبرودتها، وهو الذي يقبع خلف أبواب الحب ليصدّ عنه العواصف والرتابة.
إذا كان بمقدورنا أن نجعل دنيانا جنّة بالحب، فبالاحترام نصبح آلهة هذه الجنة!!..
قال معاوية : «أفضل ما أعطي الرجل العقل والحلم، فإذا أعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا غضب كظم، واذا أساء استغفر، وإذا وعد أنجز». وما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة « فليس بالحب وحده تُبنى الأسر بل بالاحترام أولاً».